السيرة الهلالية .. محمد هلال – سيرة ومسيرة
اهلا بكم في الموقع الرسمي لتوثيق أعمال وابداعات الأستاذ الدكتور محمد هلال .. هذا العمل اهداء من أسرة الدكتور محمد هلال رحمة الله عليه
استهــــلال
يقول أمير الشعراء شوقى رحمه الله فى إحدى قصائده
مَــن ســـــرّه ألا يـمــــــوتَ فبالـعُـــــلا
خَـلُــدَ الرّجــالُ، وبالفِعَــالِ النــابِـــهْ
ونَحسبُ أنّ هذا معنىً مَهيبٌ، يعبّر عن مكانةٍ عظيمة، لا يستحقّ جدارتَها إلا قِلّةٌ معدودة من خيرة رجال كل عصر. ولا حاجة للقَول – إن شئنا الإنصافَ الموضوعىّ والتاريخىّ – إنّ من هذه القِلّة المعدودة صاحبَ الأبيات نفسَه!
وكذلك نستطيعُ القول مطمئنّين – وبذات القَدر من الإنصاف – إنّ نفسَ الاستحقاق ينطبقُ على صاحب هذه السيرة، المرحوم الدكتور محمد هلال.
لا نقول ذلك مدفوعين بأىّ انحيازٍ أُسرىّ، ولا أىّ هوىً شخصىّ، ولا نقولُه بِلُغةٍ تمجيدٍ خطابىٍّ خالٍ من المضمون الموثّق، وإنما – كما سيتضّحُ من كل كلمةٍ فى السيرة – بِلُغة الواقع الملموسِ المُعاش لصاحبها : ما أنجزَه من عملٍ إنشائىٍّ تراهُ الأعين أينما تجوّل الإنسان فى طول وعرض بلدنا (وغَير بلدنا)، وما تركَه من علمٍ وخبرةٍ فى مؤلّفاتٍ ثلاثة تطالعُها الأجيال المتعاقبة وتُجمِعُ على عظيم الاستفادة منها، وأيضاً ما عبّر عنه – وحَفِظَته الذاكرة – من رؤيته الثاقبة للحياة، وفلسفتِه الواضحة إزاء كافة أمورها وتحدياتها ، وأيضاً شخصيّته الفذّة المتفرّدة بكافة تجلياتها. باختصار، إذا كان هناك مِن مصدرٍ حقيقىٍّ لهذه السيرة فهو ليس إلا الدكتور هلال نفسُه! وما نحنُ – أبناؤه وأحفادُه وتلامذتُه – إلا “كتَبَةُ” أو “نُسّاخ”! – نتلقّى منه ما كتب محاولين تكثيفَه وصياغتَه ، آملين بهذا الجهد المتواضع أن نوفيه بعض حقّه علينا بشكلٍ خاص، وعلى المهنة والمنتسبين إليها بشكل عام، وأن نساهم فى تقديم إضاءةٍ وافية عن السيرة والمسيرة، للقارىء المتخصص وغير المتخصص كذلك.
أعاننا الله ووفّقنا لِخَير القصد والسبيل.
تعرف على نشأة د. محمد هلال
كلمات عن الأسرة الهلالية
التعليم العالى والدكتوراه
المدارس
التحق هلال بمدرسة الهندسة الملكية (كلية الهندسة- الجامعة المصرية ثم جامعة فؤاد الأول فيما بعد) سنة 1929، حيث بدأت بالمدرسة طفرة علمية منذ عام 1928 إثر تعيين د. شارل أندريا (العميد السابق للمدرسة التقنية العليا ETH بزيورخ- سويسرا) ناظرا لها. وفى سنة 1929 عنى د. أندريا بوضع منهج دراسى جديد فى مستوى مناهج المدارس العليا بأوروبا اقتضى زيادة سنة إعدادية إلى الدراسة لكى تصبح خمس سنوات، لكن يبدو أنه استثنى منه الطلاب المتفوقين المتقدمين للمدرسة، فقد تخصص هلال فى الهندسة المدنية وتخرج بامتياز مع مرتبة الشرف سنة 1933 بعد أربع سنين من التحاقه بالمدرسة وكان ترتيبه الثالث على الدفعة
الكلية
لما كان مشروع تخرجه فى مادة الخرسانة المسلحة وعُيّن مدرسا مساعدا فى مدرسة الهندسة فور التخرج فقد استعان به أستاذ المادة- الأستاذ جيرنج- فى بعض المشروعات الخاصة التى يقوم بتصميمها
البعثات
بعد مضى أقل من عامين اختارته الكلية فى بعثة داخلية مع شركة مقاولات سويسرية (شركة Rothpletz, Lienhard + Cie) فى ترميم مسجد محمد علىبالقلعة قام بأعمال التصميم لها لجنة من كبار المهندسين حيث تم هدم أعمدة وعقود وقباب المسجد والإبقاء على الحوائط الخارجية فقط وإعادة صبها من الخرسانة المسلحة مع المحافظة على الأبعاد الداخلية والخارجية وإعادة الزخارف إلى ما كانت عليه. هذا وشاءت الأقدار أن يمرض المهندس السويسرى المشرف على تنفيذ المشروع بعد شهرين من التحاق محمد هلال بالعمل فصار هو المسئول الأول عن تنفيذ جميع عقود المسجد وقبابه فاكتسب خبرة نادرة فى تنفيذ أعمال الخرسانة المسلحة -التى لم يكن قد مضى على أول استخدام لها كمادة بناء فى مصر إلا ثلاثة عقود- فى مقتبل حياته المهنية وصار مولعا بها كمادة بناء بديلة للأحجار أو الصلب .
حصل محمد هلال سنة 1936 على بعثة إلى المدرسة التقنية العليا ETH بزيورخ- سويسرا- والتى كانت آنذاك وما زالت- إحدى أعرق المؤسسات التعليمية فى وسط أوربا لنَيل دبلوم الهندسة المدنية، وفى مارس 1936 تزوج بابنة عمته فاطمة (سعاد) بعد فترة خطوبة رومانسية عن بعد قاربت الثلاث سنوات- حيث كانت تقيم فى ميت غمر- وسافرا سويا إلى سويسرا.